الأخ روفينو(استقبال)

الفصل الثاني عشر: أنتَ، اتبعني. التعهد

تسجيل الفصل على شكل21x29,7 cm

يدعونا المسيح لإتباعه ويقول لكلّ واحد منّا : أنتَ، اتبعني. تثير هذه الدّعوة الملحّة تساؤلاً : لماذا التّجسّد؟ بإجابتنا على هذا السّؤال، سنكتشف سبب هذه الدّعوة الملحّة : أنتَ، اتبعني.
لمساعدتنا في تمييزنا نحو الالتزام، سنُعيد القراءة مجدّداً وبفائدةٍ، القانون الّذي وجّهه القدّيس فرنسيس لجميع المؤمنين لجميع الأزمان. وكونها رسالة بابويّة واقعيّة، تُعطي هذه الأخيرة تأليفاً عن نظريّة القدّيس فرنسيس الأسّيزي الّلاهوتيّة واهتدائه الدّيناميكي.
أخيراً، وبعد اكتشافنا بنود قانوننا الأخيرة، الّني تعالج الحياة في الأخويّة، سنتعمّق معاً في الالتزام الّذي تطمح إليه، وذلك بإجابتنا على عدّة أسئلة خاصّة : ما هو الالتزام ؟ على ماذا نلتزم؟ وكيف نلتزم؟

  • 0

أنت، أتبعني

يُقيم لكَ الرّبّ إلهك نبيّاً

نجد في العهد القديم (وتحديداً في سفر تثنية الإشتراع) شيئاً خاصّاً، مميّزاً. يُعلنُ موسى لإسرائيل : يُقيم لكَ الرّبّ إلهك نبيّاً من بينكم من إخوتكَ مثلي تسمعون( تث١٨ ١٥). للوهلة الأولى، بإمكاننا الظّنّ أنّ موسى يؤسّس النبوية في إسرائيل. مع هذا، نجد في نهاية نفس هذا الكتاب، استحضاراً جديداً لهذا الوعد، الّذي يتّخذ عندها مظهراً مفاجئاً، بعيداً عن مدرسة النبؤة ويُعطي معناه المحدّد لوجه النّبيّ. بالفعل، بإمكاننا القراءة في هذا المقطع : ولم يقم من بعد نبيّ في إسرائيل كموسى الّذي عرفه الرّبّ وجهاً إلى وجه( تث٣٤ ١٠). يسيطر بغرابة على خاتمة موسى هذه من كتابه الخامس نبرة حزينة. لم يتحقّق بعد الوعد بنبيّ مثلي. يظهر الآن، أنّ هذه الكلمات لم تُعلن فقط إنشاء النبوية، بما أنّ هذا الأخيرة موجودة سابقاً ، ولكن هناك شيئاً آخراً أكثر أهميّة : إعلان موسى الجديد الّذي ستكون علامته الخاصّة أنّه سيواجه ربّه وجهاً لوجه كما يلتقي صديق بصديق آخر. ستكون العلامة المميّزة لهذا النّبي الجديد ، القرابة من الله لدرجة أنّه بإمكانه نقل رغبة الله وكلمته دون وسيط. وهذا هو العامل ألخلاصي الّذي تنتظره إسرائيل وتنتظره البشريّة.

ولكن، في مقطع من سفر الخروج، نجد قصّة غريبة متعلّقة بعلاقة موسى مع الله : نذكر الصّلاة الّتي وجّهها موسى لله : أرني مجدكَ( خر٣٣ ١٨).
لم تُستجب هذه الصّلاة : أمّا وجهي فلا تستطيع أن تراه (خر٣٣ ٢٠). ورأى موسى أنّه قد عُيّنَ له موضعاً قرب الله في نقرة صخرة الّتي مرّ عليها مجد الله. وبينما يمرّ أمامه، أظلمه الله بيده ثمّ أزالها : فتنظر قفاي وأمّا وجهي فلا يُرى (خر٣٣ ٢٣). نرى في مقطع سفر الخروج هذا، أنّ ملاقاة موسى مع الله هي في حدودها. لا يرى وجه اله، حتّى ولو سمح له الغطس في سحابة الكثب مع الله والتّحدّث معه كصديق. وهكذا، إنّ الوعد بنبيّ مثلي يُخفي ضمناً انتظاراً أكثر أهميّة : أن يُعطى للنّبيّ الأخير، لموسى الجديد، ما لم يحصل عليه موسى الأوّل- رؤية وجه الله حقيقيّاً والتّحدّث معه من خلال هذه الرّؤية الكاملة وليس فقط لأنّه رأى الله من قفاه. ونتيجة ذلك، يتضمّن أيضاً تقريباً وببساطة الرّجاء بأن يكون موسى الجديد وسيط تحالف متفوّقٍ، أكثر من الّذي قد تعهّد به موسى في صنعاء.

سنجد في هذا الإطار مفتاح القراءة لنهاية تمهيد من الإنجيل يوحنّا : الله لم يره أحد قطّ. الابن الوحيد الّذي في حضن ألآب هو أخبر( يو١ ١٨).
سيتمّ الوعد بنبيّ جديد في يسوع. يتحقّق منه كليّاً ما الّذي بقي غير متمّماً عند موسى : لقد عاش أمام وجه الله، ليس فقط كصديق بل كإبن، لقد عاش في الوحدة الأكثر حميمة مع ألآب.

من رآني فقد رأى الأب( يو١٤ ٩). وهكذا، رأى التّلميذ الّذي يرافق يسوع، رأى نفسه متوّرطاً في الوحدة مع الله. هذا هو العامل ألخلاصي نفسه * إنّ مجموع الأسطر من هذا المقطع مستخرجة من Flammarion2007 Jésus de Nazareth Joseph Ratzinger Benoit XVI , introduction (extraits), p 21 à 28. .

لماذا صار الكلمة جسداً ؟

ينقل لنا التّعليم المسيحي في الكنيسة الكاثوليكيّة * إنّ جزءاً من أسطر هذا المقطع مستخرج من ت م ك ك ٤٥٦إلى٤٦٠. الأسباب الأربع من تجسّد الكلمة.

صار الكلمة جسداً لكي يجعلنا شركاء في الطّبيعة الإلهيّة( ٢بط ١ ٤) : " فهذا هو السّبب الّذي من أجله صار الكلمة بشراً وابن الله ابن الإنسان : لكي يصير الإنسان ابن الله بدخوله في الشّركة مع الكلمة وبنيله هكذا النبوّة الإلهيّة * القدّيسة إيريناوس، الرّدّ على الهرطقات ٣،١٩،١ ". وفي التّعابير الّتي قد نجدها جريئة، فيما مهمّتها هي إلاّ تثبيت محبّة الله لنا : صار الكلمة بشراً إذ أنّ ابن الله صار إنساناً لكيّ يُصيّرنا إلهاً *  القدّيس أثناسيوس، في التّجسّد ٥٤ ،٣. ". ويُضيف القدّيس توماس من أكّين :" إنّ مشيئة ابن الله الوحيد، الّتي هي أن نشاركه في ألهوته، فتلبّس بطبيعتنا، حتّى إذا صار هو بشراً، يصير البشر آلهة * القدّيس توما الأكويني ،فرض عيد جسد المسيح في السحر، قراءة ١. . "

يُسرّ علم الّلاهوت الفرنسيسي بالتّبشير أنّ حتّى لو لم يعرف الإنسان الخطيئة، لكان تجسّد مع ذلك الكلمة. من الواضح أنّ سبب التّجسّد الأوّل المذكور أعلاه يكفي لنفسه. إذا نقلنا هنا علم الّلاهوت الفرنسيسي هذا(الّذي يُثير جدلاً طويلاً)، فليس للمجادلة، بل ببساطة لذكر هذا الواقع بإلحاح : يدخل في المخطّط الإلهي لكي يجعلنا شركاء في الطّبيعة الإلهيّة. إنّه هنا لواقع يدعونا، على غرار فرنسيس الأسّيزي، للتّساؤل عن محبّة الله المتعذّر سبرها، الّتي يكنّها لنا. من أنتَ، ومن أنا ؟ يتساءل فرنسيس.

مع الأسف، هناك عائقاً لهذه المشاركة للطّبيعة الإلهيّة. هذا العائق، هو الخطيئة وثمن هذه الخطيئة هو الموت. موت جسديّ، مأساة بشريّة حقيقيّة ولكن خاصّة موت الحياة الإلهيّة فينا. ولكن، لا تُغيّر خطيئة الإنسان المخطّط الإلهي تجاه خليقته المخلوقة على صورته. وأيضاً صار الكلمة جسداً ليُخلّصنا بمصالحتنا مع الله : الله هو نفسه أحبّنا وأرسل ابنه كفّارةً عن خطايانا (١ يو٤ ١٤). " مريضةً، كانت طبيعتنا تطلب الشّفاء؛ وساقطةً، أن تُقال عثرتها ؛ وميتة، أن تُبعث حيّة. كنّا فقدنا امتلاك الخير، فكان لا بدّ من إعادته إلينا. وكنّا غارقين في الظّلمات فكان لا بدّ من رفعنا إلى النّور ؛ وكنّا أسرى ننتظر مخلّصاً ؛ وسجناء ننتظر عوناً ؛ وعبيداً ننتظر محرّراً . هل كانت هذه الدّواعي بدون أهميّة ؟ ألم تستحقّ أن تحرّك عطف الله إلى حدّ أن تُنزله حتّى كبيعتنا البشريّة فيعودها، إذ إنّ البشريّة كانت في حالة جدّ بائسة وجدّ تعسة * القدّيس غريغوريوس النيصّي ، خطاب ١٥،٣. ؟"

الكلمة صار جسداً لكي نعرف هكذا محبّة الله: "بهذا ظهرت محبّة الله في ما بيننا، بأنّ الله أرسل ابنه الوحيد إلى العالم لنحيا به" (١يو٤ ٩).
" إذ إنّ الله أحبّ العالم هكذا حتّى إنّه بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كلّ من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبديّة"(يو٣ ١٦).

لقد صار الكلمة جسداً لكي يكون مثالاً لنا في القداسة : "احملوا نيري عليكم وتعلّموا منّي... (متى١١ ٢٩).
"أنا الطّريق والحقّ والحياة ؛ لا يأتي أحد إلى ألآب إلاّ بي"( يو١٤ ٦). والآب، على جبل التّجلّي يأمر :" اسمعوا له "(مر٩ ٧). فهو في الحقيقة مثال التّطويبات وقاعدة النّاموس الجديد : أحبّوا بعضكم بعضاً كما أحببتكم أنا"(يو١٥ ١٢). هذه المحبّة تتضمّن تقدمة الذّات الفعليّة في إثره. تتطلّب هذه المحبّة من ورائها تقدمة نفسيّة فعليّة : "ثمّ دعا الجمع مع تلاميذه وقال لهم من أراد أن يتبعني فليكفر بنفسه ويحمل صليبه ويتبعني"(مر٨ ٣٤).

أنتَ، اتبعني

نجد دعوة المسيح الملحّة، عدّة مرّات في الإنجيل : اتبعني. عدى عن الدّعوة نفسها، لنلاحظ موضع هذه الأخيرة في كتاب الأناجيل.

إنّ المرّة الأولى الّتي نسمع الكلمة يتوجّه إلينا في الأناجيل حسب القدّيس متى، القدّيس مرقس والقدّيس يوحنا، هو لدعوتنا لعملين اثنين :

١ . تغيير قلوبنا : توبوا فقد اقترب ملكوت السّماوات (متى٤ ١٧) ؛ قد تمّ الزّمان واقترب ملكوت الله فتوبوا وآمنوا بالإنجيل( مر١ ٥)؛

٢ . وإتباعه : اتبعاني( متى٤ ١٨؛ مر١ ١٧)؛ ماذا تريدان ؟ ... تعاليا وانظرا (يو١ ٤٨-٣٩) * خ إنّ القدّيس لوقا هو الوحيد الّذي يبدو أنّه يستثني الأولويّة لهذه الدّعوة المزدوجة. نقول״ يبدو״ لأنّ الكلمة الأولى الّتي يتوجّه بها المسيح في الإنجيل حسب القدّيس لوقا هي كالّذي يقول له : لماذا تطلبانني ألم تعلما أنّه ينبغي لي أن أكون فيما هو لأبي.( لو٢ ٤٩). بالحقيقة، عندما يدعونا المسيح لإتباعه، فهو يعمل كليّاً لشؤون أبيه. .

وهكذا، يتطلّب جواب الإنسان لنداء المسيح الّذي يدعونا لإتّباعه، يتطلّب أوّلاً اهتداء قلب الإنسان.

المطلوب تحوّل جذري دون تدبير مؤقت. باختصار، قلب ، حتّى لو كان من حجرٍ، عليه أن يتحوّل لقلب جسديّ، أيّ قلب يتخلّى عن الشّرّ ويفعل الخير. هذا هو الثّمن المطلوب الّذي بإمكاننا إتباع المسيح. وعلينا العمل كلّ يوم على هذا التّحوّل الجذري، بسبب الضّعف البشري. ولكن إذا القلب موجود، ومع بركة الله، عندها بإمكان الإنسان تقلّد المسيح، وإتباعه بفرح، لأنّ نيري ليّن وحملي ضعيف (متى١١ ٣٠).

ولكن إتباعه للذّهاب إلى أين ؟

لقد نزل المسيح من السّماء لاستقبالنا. إنّ المسيح، هبة محبّة ألآب، هو الطّريق نحو ألآب (البند٤ من قانوننا). منذ أن بدأ مهمّته على الأرض، قال لنا يسوخ المسيح : اتبعاني . في بداية الأناجيل، تعني هذه الدّعوة أنّه يدعونا لتحقيق، بنفس الطّريق، جميع الأعمال الّتي سيُتمّمها والّتي ستكون مدّونة في ا|لإنجيل، يعني ما هو آت : الإعلان أنّ ملكوت السّماوات قريب، شفاء المرضى (جسداً وروحاً)، قيامة الأموات، تطهير البرص (جسداً وروحاً)، طرد الشّياطين( الأرواح)، الهبة المجّانيّة( للأجساد والأرواح)،...

ولكن، قبل الصّعود، على ضفاف نهر طبريّة، ظهر المسيح لتلاميذه، الّذين يمثّلون الكنيسة في تلك اللحظة. و كما في بداية مهمّته على الأرض، يلحّ المسيح على ميول القلب : يا سمعان بن يونا أتُحبّني ؟ سأله يسوع ثلاث مرّات. وبعد أن تأكّد من ميل قلبه، قلب بطرس المسكين، الّذي وجد نفسه حزيناً من جرّاء هذه التّساؤلات الثّلاث الّتي تُذكّره بإنكاره الثّلاثي، نسمع بالتّالي كلمة المسيح الأخيرة في الإنجيل: أنتَ، اتبعني( يو٢١ ٢٢).

الكون واحد مع الله الثّالوث

أنتَ، اتبعني : كلمتان اثنتان ببساطة : (مقطع واحد لكلّ كلمة)، ومع هذا فهي تتضمّن المخطّط الإلهي على جميع كياني.

عندما سأل موسى يهوه، على جبل حوريب، على الإسم الّذي يجب إعطاءه لأبناء إسرائيل بخصوص الّذي أرسله ، أجاب الله : قل لبني إسرائيل الكائن أرسلني إليكم أنا هو الكائن (خر٣ ١٤).

عندما يتوجّه يسوع لليهود الّذين يتساءلون عن هويّته، أكدّ لهم يسوع عن طبيعته الإلهيّة مستعملاً ثلاث مرّات الإسم الإلهي :

● إنّكم تموتون في خطاياكم لأنّكم إذا لم تؤمنوا أنّي أنا هو تموتون (يو٨ ٢٤)؛

● إذا رفعتم ابن البشر فحينئذ تعرفون أنّي أنا هو وإنّي لستُ أفعلُ شيئاً (يو٨ ٢٨)؛

● الحقّ الحقّ أقول لكم قبل أن يكون إبراهيم أنا كنت( يو٨ ٥٨).

ويقول لي هذا״ الأنا ״ فجأةً : أنتَ أتبعني !

هل بمكاننا أخذ الحريّة هنا لاقتراح القراءة التّالية من هذه الدّعوة الإلهيّة، قراءة تتضمّن هجر التّرقيم والفسحات، لكي تُشكّل״ الأنا״ واحدة : أنتاتبعني... ؟

الرّسالة الثّانية إلى المؤمنين( المناشدة الثّانية)

يسرّنا أن يكون في حوزتنا عدداً من الرّسائل المدوّنة أو(المنصوصة) من قبل القدّيس فرنسيس الأسّيزي نفسه . البعض منها موجّه لشخص معيّن ؛ إنّه الحال لرسائل الأخ ليون، القدّيس أنطونيوس أو لكاهن. والبعض الآخر موجّهة لمجموع أشخاص : رسالة إلى المؤمنين، للكهنة، لجميع الرّهبنة، إلى قادّة الشّعوب، خدّام الرّهبنة. عندما نقرأ هذه الرّسائل، نُلاحظ تعاصرية هذه الأخيرة. مكتوبة منذ نحو ثماني عصور، هي دائماً معاصرة.

سننقل هنا، بكاملها، الرّسالة إلى جميع المؤمنين في صيغتها الثّانية. رسالة بابويّة صغيرة ولكن حقيقيّة، موجّهة إلى جميع المؤمنين (دينيّون، كهنة وعلمانيين)، تُعطي هذه الأخيرة تأليفاً للاهوت فرنسيس واهتدائه الدّيناميكّي. في نهاية مسير الابتداء هذا، يبدو من الملائم إعادة قراءة هذا الموجز من روحانيّة الفُقيّر. ستُشارك حتماً، لإتمام نّهاية للإلتزام المُقدّمة، الإلتزام الّذي من خلاله يَعِدُ المرشّح بعيش الإنجيل بأخذه القدّ يس فرنسيس الأسّيزي كمثال.

براعة الرّسالة وهدفها

باسم الرّبّ، ألآب والإبن والرّوح القدس، آمين.

إلى جميع المسيحيّين المُتديّنين، من كهنة وعلمانيّين، رجال ونساء، وجميع قاطني المسكونة بأكملها، الأخ فرنسيس، خادمهم ومرؤوسهم، باحترام وإجلال، سلاماً حقّاً، من السّماء، ومحبّة صادقة في الرّبّ.

بما أنّني خادم الجميع، فإنّني مُلزم بخدمة الجميع، وبأن أُوزّع على الجميع أقوال ربّي العطرة. ولمّا كنتُ مدركاً أنّني عاجز عن زيارتكم شخصيّاً، وبشكل فرديّ، بسبب المرض، وضعف جسدي، ارتأيتُ أن أنقل إليكم، عبر هذه الكلمات، وهذه الرّسالة، كلمات ربّنا يسوع المسيح، الّذي هو كلمة الآب، وكلمات الرّوح القدس، الّتي هي روح، وحياة.

٠١السّرّ المخلّص

٠١التّجسّد.

إنّ الآب العليّ بشّر، من السّماء، بكلمته هذا، الجزيل الكرامة، والجزيل القداسة والتّمجيد، بواسطة ملاكه، القدّيس جبرائيل، في أحشاء القدّيسة المجيدة العذراء مريم، ومن أحشائها أخذ الكلمة جسد إنسانيّتنا، وهشاشتنا، الحقيقي. فهو الّذي كان غنيّاً فوق كلّ شيء، أراد اختيار الفقر لنفسه، في هذا العالم، مع أمّه العذراء الكليّة الطّوبى.

٠٢الإفخارستيّا.

وقُبيل آلامه، احتفل بالفصح مع تلاميذه، فأخذ الخبز، وشكر، وباركَ، وكسر، قائلاً : ״خذوا فكلوا، هذا هو جسدي״. ثمّ أخذ الكأس وقال : ״هذا هو دمي، دم العهد الجديد، الّذي سيُراق عنكم، وعن كثيرين، لمغفرة الخطايا״.

٠٣الهبة الطّوعيّة.

ثمّ صلّى للآب قائلاً : ״ أيّها الآب، فلتُبعد عنّي هذه الكأس إن أمكن״. وغدا عرقه مثل قطرات دم تتساقط على الأرض. بيد أنّه وضع مشيئته في مشيئة الآب قائلاً :״ يا أبت، فلتكن مشيئتكَ، لا كما أُريدُ أنا، بل كما تُريدُ أنتَ״.

٠٤الصّليب.

وهذه كانت مشيئة الآب، أن يُقدّم ذاته، ابنه المبارك والمُمجّد، الّذي أعطانا إيّاه، والّذي وُلِدَ من أجنا، بدمه الخاصّ، ذبيحةً وقُرباناً على مذبح الصّليب، لا من أجل ذاته، هو الّذي به صُنِعَ كلّ شيء، بل من أجل خطايانا؛ تاركاً لنا مثالاً كي نقتفي آثاره. وهو يُريد أن نَخلُص جميعنا به، وأن نتناوله بقلبنا الطّاهر، وجسدنا العفيف. ولكن قليلون هم الّذين يُريدون تناوله والخلاص به، مع أنّ نيره لطيف وحمله خفيف.

٠٢متطلّبات الحياة المسيحيّة

٠١محبّة الله وعبادته.

أولئكَ الّذين يأبون تذوّق عذوبة الرّبّ، ويُؤثرون الظّلمات على النّور، رافضين تنفيذ وصايا الله، هؤلاء ملعونون.وعنهم قال النّبيّ :״ ملعونون هم الّذين يبتعدون عن وصياك״.

ولكن، آه ! هم، هم السُّعداء ومباركون، أولئكَ الّذين يُحبّون الله، ويعملون بموجب قول الرّبّ نفسه، في الإنجيل : ״أحبب الرّبّ إلهكَ، بكلّ قلبكَ، وذهنكَ، وقريبكَ كنفسكَ״. فلنُحبّ الله، إذاً، ولنعبده، بقلب نقيّ، وبذهن نقيّ، إذ إنّه هو نفسه، يطلب ذلك فوق كلّ شيء، ويقول : ״العابدون الحقيقيّون يعبدون الآب بروح الحقّ״. ولنوجّه له التّسابيح والصّلوات، نهاراً وليلاًن قائلين : أبانا الّذي في السّموات، غذ وجب علينا أن نُصلّي دائماً، من غير ملل.

٠٢الحياة الكهنوتيّة.

علينا أيضاً، أن نعترف للكاهن بكلّ خطايانا، ونتناول منه جسد ربّنا يسوع المسيح ودمه. فمن لا يأكل جسده، ولا يشرب دمه، لا يستطيع دخول ملكوت الله. ولكنن فليأكل، ويشربن باستحقاق، إذ إنّ من يتناوله بلا استحقاق، إنّما يأكل، ويشرب، الحكم على نفسه، لأنّه لم يتبيّن جسد الرّبّ، أيّ إنّه لم يُميّزه. وفضلاً عن ذلك، فلنُثمر ثماراً تليق بالتّوبة.

٠٣محبّة القريب.

ولنُحبّ القريب كنفسنا. وإن لم يشأ أحد أن يُحبّ قريبه كنفسه، فلا يُلحقنّ به، على الأقلّ، ضرراً، بل فليصنع له خيراً.

والّذين تسلّموا سلطة إدانة الآخرين، فليُمارسوها برحمةٍ، مثلما يرغبون هم أنفسهم في أن يظفروا برحمة الرّبّ، إذ إنّ الدّينونة ستكون بلا رحمة لمن لم يرحموا.

٠٤الإحسان والصّوم.

فليكن لدينا، إذاً، المحبّة والتّواضع، ولنُقدّم الإحسان، فالإحسان يغسل النّفوس من دنس الخطايا. والبشر يخسرون كلّ ما يتخلّون عنه، في هذه الدّنيا؛ بيد أنّهم يأخذون معهم مكافأة المحبّة والإحسان الّذي قاموا به، والّذي سيتلقّون عنه، من الرّبّ، المكافأة، الجزاء الّلائق. علينا إذاً ، أن نصوم، وأن نمتنع عن الرّذائل والخطايا، وعن كلّ إفراط في الطّعام والشّراب، وأن نكون كاثوليكيّين.

٠٥احترام الكنائس والكهنة.

علينا أيضاً، أن نزور الكنائس بتواتر، وأن نحترم رجال الإكليروس، ونكرّمهم، لا لأنفسهم، إن كانوا خاطئين، ولكن، بسبب خدمتهم، وتوزيعهم جسد المسيح، ودمه، الكّليّي القداسة، الّلذين يُقرّبونهما ذبيحة عل المذبح، ويتناولونهما، ويوزّعونهما على الآخرين. ولنعلم جميعنا، علم اليقين، أنّ ما من أحدٍ يستطيع أن يخلص إلاّ بدم ربّنا يسوع المسيح، وبكلماته المقدّسة، الّتي يتلوها رجال الإكليروس، ويُعلنونها، ويوزّعونها. وعليهم، وحدهم، توزيعها، من دون الآخرين.

٠٦متطلّبات خاصّة للكهنة.

ويُلزم، خصوصاً ، الرّهبان، الّذين زهدوا في هذه الدّنيا، أن يفعلوا أكثر وأفضل، من غير أن ]يُهملوا هذه الأمور.

علينا أن نُبغِضَ أجسادنا، برذائلها وخطاياها، إذ إنّ الرّبّ يقول في الإنجيل : ״كلّ الشّرور، والرّذائل، والخطايا، تخرج من القلب״. علينا أن نُحبّ أعداءنا، ونُحسن إلى من يُبغضوننا. علينا أن نتقيّد بوصايا ربّنا يسوع المسيح، ومشوراته.

علينا أن نُنكر ذواتنا، وأن نضع أجسادنا تحت نير الخدمة، والطّاعة المقدّسة، مثلما وعد كلّ منّا الرّبّ. ولا يُلزَمُ، أيّ كان، باسم الطّاعة، أن يُطيعَ أحداً، إن كان، في الأمر، جرم أو خطيئة.

ومن أُوكلت إليه الطّاعة، والّذي يُعدّ الأكبر، فليكن كالأصغر، وخادماً لسائر الإخوة. وليكن رؤوفاً، حيال كلّ من إخوته، ولتكن لديه الرّأفة الّتي يرغب في أن تُظهرَ له، لو هو وُجِدَ في حالةٍ مماثلة. ولا يغضبنّ على أخٍ، بسبب ذنب اقترفه هذا الأخ، بل فليُنبّهه، وليسنُدنه، بكلّ صبرٍ، وتواضعٍ، ولطف.

علينا أن لا نكون حكماء ومتعقّلين، بحسب الجسد، بل بالحريّ، أن نكون بسيطين، متواضعين، وأنقياء. ولنزدر أجسادنا، ونحتقرها، إذ إنّنا، جميعنا، بذنبنا، أشقياء، ومتعفّنون، ونتنون، ودود، كما يقول الرّبّ بواسطة النّبيّ :״ أنا دودة، لا إنسان، ازدراء البشر، ورذالة الشّعب״. علينا أن لا نرغب، أبداً في أن نكون فوق الآخرين؛ بل علينا بالحريّ، أن نكون خدّاماً، وخاضعين لكلّ خليقة بشريّة، من أجل الله.

٠٣روائع الحياة المسيحيّة

وجميع الّذين، والّلواتي يعملون هذه الأعمال، ويُثابرون فيها حتّى النّهاية، سيستقرّ روح الرّبّ عليهم، وسيجعل فيهم، مقامه ومسكنه. وسيكونون أبناء الآب االسّماويّ، الّذي يعملون أعماله. وهم عرائس ربّنا يسوع المسيح، وإخوته، وأمّهاته. غنّنا عرائس عندما تتّحد النّفس المُخلصة، بواسطة الرّوح القدس، بيسوع المسيح. ونحن إخوته، عندما نعمل بمشيئة أبيه الّذي في السّماء. ونحن له أمّهات، عندما نحمله في قلبنا وجسدنا، بحبّ وضمير نقيّ، وصادق، وعندما نلده بالعمل المقدّس، الّذي ينبغي أن يتلألأ قدوة للآخرين.

آه ! إنّه لمجيد ومقدّس وعظيم، أن يكون للمرء أب في السّموات ! آه ! إنّه لمقدّس، ومعزّ، وجميل، ورائع أن يكون له عروس ! آه! إنّه لمقدّس، ومبهج، وممتع، ومتواضع، وسلميّ، وعذب،ومحبوب، ومرغوب فيه فوق كلّ شيء، أن يكون له مثل هذا الأخ والإبن، الّذي بذلَ نفسه في سبيل خرافه، والّذي صلّى إلى أبيه من أجلنا، قائلاً : ״يا أبت القدّوس، احفظ باسمك أُولئكَ الّذين أعطيتني إيّاهم. أبتِ، جميع الّذين أعطيتني إيّاهم، في العالم، كانوا لكَ، فأعطيتني إيّاهم. وأنا أعطيتهم الكلام الّذي أعطيتنيه؛ وقد تقبّلوه، وعُرفوا حقّاً، إنّي خرجتُ من لدنكَ، وعرفوا أنّكَ أنتَ أرسلتني. إنّي أدعو لهم، لا للعالم. باركهم وقدّسهم. ومن أجلهم أُقدّس نفسي، لكي يكونوا مقدّسين في الوحدة، مثلنا. وأريدُ، يا أبتِ، أن يكونوا، هم أيضاً معي، حيثما أكون، لكي يُعاينوا مجدي، في ملكوتكَ״.

إلى الّذي احتمل كثيراً من أجلنا، والّذي أنعمَ بكثير من الخيرات وسيُنعم بالمزيد في المستقبل، فلتُقدّم كلّ خليقة في السّموات، وعلى الأرض، وفي البحر وفي الأعماق، التّسبيح والمجد والإكرام والبركة، لأنّه قُدرتنا وقوّتنا، وهو، وحده، العليّ، ووحده، الكليّ القدرة، والعجيب، والمجيد، ووحده، القدّوس، والجدير بالتّسبيح، والبارك، في دهر الدّهور الّلامتناهية، آمين.

٠٤عبادة الخطيئة

٠١خادعو الشّيطان.

أمّ جميع الّذين لا يَحيون التّوبة، ولا يتناولون جسد ربّنا يسوع المسيح، ودمه، ويستسلمون للرّذائل والخطايا، ويسيرون في إثر الشّهوة الفاسدة، والرّغبات الشّريرة، ولا يتقيّدون بما وعدوا به الرّبّ، ويخدمون، جسديّاً العالم، بالرّغبات الجسديّة، وهموم هذه الدّنيا ومشاغلها، وهموم هذه الحياة، فهم مخدوعون بإبليس، إذ إنّهم أبناؤه، ويعملون أعماله، وهم عميان، لأنّهم لا يرون النّور الحقّ، ربّنا يسوع المسيح. وليس لديهم حكمة روحيّة، لأنّ ليس لديهم، في ذواتهم، ابن الله، حكمة الآب الحقيقيّة. وفيهم قيل : ״لقد التُهمت حكمتهم״. إنّهم يرون الشّرّ، ويَقرّون به، ويعلمونه، ويفعلونه، ويخسرون نفوسهم، عن معرفة.

انظروا، أيّها العميان، المخدوعون بأعدائنا، أيّ الجسد والعالم، وإبليس. فإنّه لعذب للجسد ارتكاب الخطيئة، ومُرّة خدمة الله؛ إذ إنّ جميع الشّرور، والرّذائل، والخطايا، تخرج وتنبعث من قلوب البشر، كما يقول الرّبّ في الإنجيل. ولا شيء لكم، لا في الدّهر، ولا في الآتي. وتظنّون أنّكم ستمتلكون، طويلاً، أباطيل هذا العالم، ولكنّكم مخدوعون، إذ سيأتي اليوم والسّاعة الّلذان لا تُفكّرون فيهما، ولا تعرفونهما، وتجهلونهما.

٠٢صورة واقعيّة: موت الخاطئ.

فيعتلّ الجسد، ويدنو الموت، ويأتي الأقرباء والأصدقاء، قائلين: ״رتّب أمورك״.

ها إنّ زوجته، وأبناءه، وأقرباءه، وأصدقاءه، يتظاهرون بالبكاء. وينظر إليهم، ويراهم يبكون، ويُحرّكه دافع شرّير، ويُفكّر في ذاته قائلاً : ״هوذا نفسي، وجسدي، وكلّ أملاكي، أضعها بين أيديكم״. إنّه لملعون حقّاً، هذا الإنسان الّذي يُخاطر بنفسهن وجسده، وكلّ أملاكه، ويوكّلها إلى مثل تلك الأيدي. فالرّبّ يقول، بالنّبيّ : ״ملعون الإنسان الّذي يتّكل على إنسان״.

- ويأتون فوراً بالكاهن . ويقول الكاهن له :

- هل تريد أن تنال الغفران عن جميع خطاياك ؟

-أُريدُ

- هل تريد أن تُكفّر، قدر طاقتكَ بثروتكَ، عمّا اقترفته، وعن الاحتيال والغشّ الّّلذين مارستهما تجاه النّاس؟

 ويُجيب :

- لا !

ويقول الكاهن: لمَ لا ؟

 - لأنّ أودعت كلّ شيء بين أيدي أقربائي وأصدقائي ...

 - ويشرع يفقد النّطق، وهكذا يموت ذلك البائس.

ولكن، فليعلم الجميع أنّه، أينما مات إنسان، بأيّ شكل من الأشكال، وهو في حال الخطيئة المميتة، من غير تكفير، إذ كان قادراً على التّكفير ولم يُكفّر، فيخطف إبليس نفسه من جسده، بكثير من الضّيق، والشّدّة، ألأمر الّذي لا يستطيع معرفة مداه سوى من يُكابده. وسيُسلب كلّ ما كان يظنّ أنّه له من مواهب، وقدرات، ومعرفة. ويترك كلّ شيء للأقارب والأصدقاء ؛ وهؤلاء، بعد أن يأخذوا ثروته، ويُقسّمونها، سيقولون : ״ملعونة هي نفسه، فقد كان بإمكانه أن يهبنا أكثر ممّا وهبَ، وأن يقتنيَ أكثر ممّا اقتنى״. ويلتهم الدّود الجسد. ويفقد هكذا، الجسد والنّفس، في هذا الدّهر القصير الأمد، ويذهب إلى جهنّم، حيث يُعذّب إلى ما لا نهاية.

خاتمة

ممارسة كلمة الله وإشاعتها.

باسم الآب، والابن، والرّوح القدس، آمين.

أنا، الأخ فرنسيس، أصغر خدّامكم، أرجوكم، وأتوسّل إليكم، في المحبّة الّتي هي الله، ومع الرّغبة في تقبيل أرجلكم، أن تتقبّلوا، بتواضعٍ ومحبّة، هذه الكلمات، وكلمات ربّنا يسوع المسيح الأخرى، وأن تُنفّذوها، وتحفظوها. وليُبارك الآب، والابن، والرّوح القدس، جميع الّذين والّلواتي يقبلونها بلطفٍ، ويفهمونها، ويرسلون نسخات منها إلى الآخرين؛ إن ثابروا على ذلك، حتّى النّهاية. آمين.

الفصل الثّالث (من القانون) : الحياة في الرّهبنة

بعد اكتشافنا الفصل الأوّل من قانوننا ودراسته، المعنون رهبنة القدّيس فرنسيس، ثمّ الفصل الثّاني المعنون أشكال الحياة، وقبل معالجة الالتزام تحديداً( سيكون هنالك موسّعاً بالتّالي)، سنقوم سابقاً بجولة على بنود قانوننا الأخيرة والتّعليق عليها باختصار سريع، أيّ الفصل الثّالث المعنون، الحياة في الرّهبنة.

يُمكن الاعتقاد أنّ قراءة سريعة للفصل الأخير من قانوننا أن ّ المقصود هنا فصل إداريّ بعض الشّيء. هو كذلك، في قسمٍ، وذلك من جهة أخرى، لضرورة. إنّ الرّهبنة الفرنسيسيّة العلمانيّة مخصّصة بنظام، له، على كلّ درجة، إمكانيّات أعمال مناسبة. وإنّ عدم عرض هذه البنود الأخيرة إلاّ من خلال ناحيتهم الإداريّة هو كصرف النّظر عن الأساس. ليست الرّهبنة الفرنسيسّة العلمانيّة بأخ منفردٍ، وأكثر من ذلك، أخٍ آخر منفرد... إنّه كائن جديد، منظّم، مؤلّف من جميع الأعضاء ومع ذلك هو مميّز عنهم. وأيضاً إنّ عنوان الفصل الثّالث هذا هو الحياة في الرّهبنة. يُعطي هذا الأخير أسلوب القراءة العامّ لنهاية قانوننا. بهذا الشّأن، لندع حبرنا الأعظم البابا يوحنا بولس الثّاني * د سيُلاحظ القارئ من كتاب التّكوين هذا من الإستعمال المتكرّر لهذه التّسمية نفسها عندما يتعلّق الموضوع بممثّل المسيح : حبرنا الأعظم، رغم أنّ حبرنا قد غادرنا نحو آب السّموات. ليست هذه التّسمية بغلطة طباعيّة. هي مخصّصة لإظهار الطّابع الدّائم لهذا الكاهن النّابغ : ״أنتَ الصّفاة وعلى هذه الصّفاة سأبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها. وسأُعطيكَ مفاتيح ملكوت السّموات فكلّ ما ربطّته على الأرض يكون مربوطاً في السّموات وكلّ ما حللته على الأرض يكون محلولاً في السّموات״(متى١٦ ١٨-١٩). يُحدّثنا في بضع كلمات بخصوص الحياة في الرّهبنة. المقصود عن مستخرجٍ من خطابه الموجّه للمشاركين في الجمعيّة العالمية لأخويّة القدّيس فرنسيس العالميّين، المجتمعة في تاريخ ٨من آذار ١٩٨٢. وهكذا علّق حبرنا الأعظم على البند الأوّل من وصيّة سبينا :

ليتحابوا دائماً بمحبّة متبادلة. أمام منظور موته القريب، تأمّل القدّيس فرنسيس حتماً كلّ ما قاله المسيح وفعله طيلة ساعاته الأخيرة الّتي عاشها على الأرض. لقد تشبّه منذ سنوات، في حياته، بالمسيح. أراد أن يكون مطابقاً له حتّى في الموت. بإمكاننا الظّنّ أنّ هذه التّعليمة هي كصدى لكلمات المسيح لتلاميذه في خطاب الوداع: أن يُحبّ بعضكم بعضاً كما أنا أحببتكم( يو١٣ ٣٤).
إن أحببتم بعضكم بعضاً كإخوة وأخوات، فهذه هي إرادة أبيكم القدّيس فرنسيس، ولكن يجب الإضافة أنّ لم يكن لدى فرنسيس إرادة أخرى إلاّ إرادة يسوع.

أبنائي وبناتي الأعزّاء، لقد شعرتم حتماً أهميّة هذه المحبّة المتبادلة لمجلسكم. لقد قلتُ لكم للتّوّ أنّ فقط الرّوح القدس بإمكانه تثبيت هذه الوحدة. أُضيفُ الآن أنّ الإسمنت الأساسي لهذه الوحدة هو المحبّة الأخويّة. لا يُمكنكم الإكتفاء بتشكيل فريق دراسات وأبحاث. أنتم أوّلاً إخوة وأخوات يجتمعون لمشاركة محبّة المسيح المتبادلة.

دّونوا أنّ هذا هو تبشيركم الأوّل : العيش بين البشر حياة إنجيليّة في المحبّة الأخويّة. لكي يجد أبناء هذا العصر، برؤيتكم، الإعجاب الّذي نكنّه للمسيحيين الأول: ״انظروا كم يتحابوا!״. عندها ستُصبحون، في عالمنا الممزّق، أنبياء مؤثّرين بوئامكم من خلال الوحدة الأخويّة.

بنية الرّهبنة

على مرّات متتالية، سيكون هناك مرجعاً للقوانين في هذه البنود المتعلّقة بأنظمة الرّهبنة. تُشكّل القوانين مستند تنظيم الرّهبنة الفرنسيسيّة العلمانيّة في العالم أجمع. تُشدّد على شكل الحياة وعلى الحضور في العالم. تلحّ على الطّابع العلماني لروحانيّة أعضاء الرّهبنة الفرنسيسيّة العلمانيّة وحياتهم التّبشيريّة.

البند٢٠.

تجمع الرّهبنة الفرنسيسيّة العلمانيّة الأخويّات على مختلف الأصعدة: محليّة، إقليميّة قوميّة وعالميّة. لكلّ من هذه الأخويّات شخصيّتها الأخلاقيّة في الكنيسة *   C.D.C. (ancien), can.687. . هي مجموعة ومرتبطة بينها حسب الأنظمة المنصوصة من خلال هذا القانون والدّساتير.

بإمكانك الرّؤية أنّ الرّهبنة موجودة في العالم أجمع. لهذا السّبب يوجد بنية عالميّ، موجودة في روما، ومسمّاة المجلس العالمي للرّهبنة الفرنسيسيّة العلمانيّة. لقد وضع المجلس العالمي موقعاً على الإنترنت، منفتح بعدّة لغّات، يسمح لكَ بالإستعلام عن الحياة الفرنسيسيّة العالميّة، وأيضاً لتثقيفكَ لأنّ هذه المستندات الجديرة الإهتمام موضوعة أحياناً بتصرّف الأشخاص الّذين يستعملون الموقع.

بإمكان مجلسك القوميّ إمتلاك موقع على الإنترنت. إذا كان هو الحال، فلا تتردّد لزيارته دائماً. سيكون لكَ مصدر اتّصالات واستعلامات( لقاءات، مشي، إجتماعات،محليّات...).

فيما يتعلّق بالصّعيد الإقليمي والمحلّي، أدعوكَ بالتّوجّه إلى معلّمكَ وإلى أخويّتكَ لكلّ استعلام. بالفعل، تتغيّر الأشياء من بلدٍ لآخر ومن منطقة لأخرى. ثلاث أشياء تبقى ثابتة مهما كان البلد أو المنطقة: الإنجيل، شكل الحياة والحياة الأخويّة.

البند٢١.

كلّ رهبنة، على مختلف الأصعدة، محياة وموجّهة من خلال مجلس ومسؤول، منتخبين من قبل الأعضاء الملتزمين، حسب الدّساتير * C.D.C.(ancien), can 697. .

هذه المهمّة، الّتي هي مؤقّتة، هي خدمة شغور ومسؤوليّة تجاه الرّهبنة ولكلّ من أعضائها.

تُشكّل الرّهبانيات أنظمة داخليّة مع إمكانيّة التّغيير حسب حاجات أعضائها والأقاليم، تحت قيادة المجلس الخاصّ، بتوافق مع الدّساتير.

البند٢٢.

على الرّهبنة المحليّة أن تؤسّس رسميّاً؛ فتُصبح خلية أساس لجميع الرّهبنة وعلامة واضحة للكنيسة، الّتي هي وحدة محبّة. عليها أن تكون مكاناً ذي امتياز يسمح لأعضائها بتعمّق فهمهم الكنسي، تنمية دعوتهم الفرنسيسيّة الّذين هم حاملوها وإحياء مهمّتهم بالتّبشير في العالم * تموز١٩٥٦،٣. بيوس الثّاني عشر، خطاب للرهبنة الثّلاثيّة، .

الإنتساب إلى الرّهبنة

البند٢٣.

إنّ الّذي يطلب الإنتساب في الرّهبنة الفرنسيسيّة العلمانيّة يتوجّه إلى الرّهبنة المحليّة؛ يعود الجواب للمجلس * C.D.C.5(ancien), can.694 .

يتمّ الإنتساب إلى الرّهبنة على خطوات. تتضمّن هذه الأخيرة : وقتاً للتّلقين، فترة تكوين على الأقلّ سنة، وأخيراً الإلتزام بالعيش حسب القانون * أوّل قانون من الرّهبنة الثّالثة.، ٢٩-٣٠ . من جهة أخرى سيكون ذلك مسلكاً وتقدّماً يُعطيان أيضاً شكل حياة جميع الرّهبنة. فيما يخصّ العمر المطلوب للإلتزام وعلامة الإنتساب غلى الرّهبنة *   توماس من شيلانو، السّيرة الصّغرى ١-٢٢ ، فسنتقيّد بالأنظمة المنصوصة حسب الدّساتير.

إنّ الإلتزام بطبيعته نهائيّ * ، .٣١ أوّل قانون من الرّهبنة الثّالثة .

بإمكان الإخوة و الأخوات الّذين يُصادفون هموماً خاصّة، معالجة مشاكلهم مع مجلس رهبنتهم المحليّة وذلك في إطار الحوار الأخويّ. إنّ هذا المجلس جدير بكلّ ما يتعلّق بانسحاب أعضاء الرّهبنة أوردّهم، حسب الأنظمة المحدّدة في الدّساتير * C.D.C..(ancien), can.696. .

الّلقاءات: أماكن المشاركة.

البند٢٤.

لتعزيز الوحدة بين أعضاء الرّهبنة، سيُنظّم المجلس اجتماعات دوريّة ولقاءات متكرّرة، ليس فقط بين أعضاء الرّهبنة، بل أيضاً مع فرق فرنسيسيّة أخرى، لاسيّما مع الشّبّان، باحث عن الوسائل الأكثر مناسبة لتنمية الحياة الفرنسيسيّة والكنسية ولإنعاش كلّ عضو أكثر للحياة الأخويّة * C.D.C. (ancien), can 697. .

من خلال هذه الصّلاة ستنتشر هذه الوحدة للإخوة والأخوات المرحومين *   أوّل قانون من الرّهبانيّة الثّالثة.، ٢٣ .

البند٢٥.

ستؤخذُ التّكاليف بأشكالها( نشاط،شرف، مساعدة،ألخ) المسبّبة من قبل حياة الرّهبنة على عاتقها، في روح موحّد وأخويّ، من قبل الإخوة والأخوات، الّذين سيساهمون كلّ واحد بمشاركة متناسبة لمصادرهم. لن تنسى الرّهبانيّات المحليّة بالمشاركة لتكاليف المجالس على مختلف الأصعدة * أوّل قانون للرّهبنة الثّلاثيّة.،٣٠ .

البند٢٦.

كعلامة واقعيّة لتبادل حيويّ، ووحدة ، ومسؤوليات مجتمعة، ستبحث المجالس، على مختلف الأصعدة، وتبعاً للأنظمة المنصوصة في الدّساتير، عن كهنة ماهرين ومحضّرين، للمساعدة الرّوحيّة. سيتوجّهون بذلك لرؤساء العائلات الفرنسيسيّة الأربع، الّتي معها، ومنذ أجيالٍ،تكنّ الرّهبنة العلمانيّة علاقة حيّة وأخويّة.

لنشاط الوفاء للهبة الفرنسيسيّة الّدنيّة وللقانون، ولمساعدة أكثر في الحياة الأخويّة، سيحرُص المسؤول في الوقت المحدّد للطّلب من الرّؤساء الجديرين كاهناً لمراجعة في الحياة- زيارة رعويّة * أوّل قانون للرّهبنة الثّلاثيّة.، ١٦ - وللمسؤوليّن العلمانيين الجديرين، الزّيارة الأخويّة، بتوافق مع المجلس ومطابقةً للدّساتير.

״ وكلّ من يحفظ ذلك، فليمتلئ في السّماء، من بركة الآب العليّ،

وليمتلئ، على الأرض، من بركة ابنه الحبيب، والرّوح المعزّي والكلّيّ القداسة...״

( وصيّة القدّيس فرنسيس: البركة)

إنّ المساعد الرّوحي للرّهبنة هو شخص معيّن من قبل الرّؤساء الجديرين من الرّهبنة الأولى والرّهبنة الثلاثية. فبالفعل يتّضح أنّ التّاريخ الفرنسيسي، كما أنّ قوانين الرّهبانيّات الفرنسيسيّة الأولى والثلاثية تقول بوضوح أنّ هذه الرّهبنة تجد نفسها ملتزمة، بموجب منشئها وهبتها الّلدنيةّ المشتركتين، ومن خلال إرادة الكنيسة، على المساعدة الرّوحيّة والرّعويّة للرّهبنة الفرنسيسيّة العلمانيّة * Const.OFM.60 ; Const.OFM.Conv.116 ;Const.OFM.Cap.95 ; Const.TOR 120 ; Règle du Tiers Ordre du Pape Léon XIII 3 3 ; Règle approuvée par Paul vi 26. . ״تهدف هذه العناية الرّوحيّة والرّعويّة لضمانة وفاء الرّهبنة الفرنسيسّة العلمانيّة وهبتها الّلدنية، للإتّحاد مع الكنيسة والوحدة مع العائلة الفرنسيسيّة، قيماً تُمثّل إلتزام حياة للعلمانيّين الفرنسيسيين״.

زيارة رعويّة وزيارة أخويّة : إنّ هدف هذه الزّيارات هو لإحياء الرّوح الفرنسيسي الإنجيليّ، تأمين وفاء الهبة الّلدنيّة والقانون، تقديم مساعدة لحياة الرّهبنة، توثيق صلة الوحدة للرّهبنة الفرنسيسيّة العلمانيّة ولتشجيع إدماج أكثر فعاليّة في العائلة الفرنسيسيّة وفي الكنيسة.

الالتزام

عظات بابويّة

تُظهر جميع التّطوّرات الموجودة في كتاب التّكوين هذا، إن دعت الحاجة، أنّ الرّهبنة الفرنسيسيّة العلمانيّة هي رهبنة دينيّة تنتمي، بكاملها، لكنيسة المسيح ولديها ممثّلها في هذا العالم، الّذي هو حبرنا الأعظم.

لقد أوصى عدّة باباوات، أحياناً هم نفسهم أعضاء في الرّهبنة الفرنسيسيّة العلمانيّة( أو الّتي كانت حتّى سنة١٩٧٨، الرّهبنة العلمانيّة الثّلثيّة)، المؤمنين بالإنتساب. لنذكر على سبيل المثال:
● ليون الثالث عشر:״ننصح بحيوية المسيحيين بعدم الرّفض الإنتساب في جيش المسيح القدّيس... إن شاء الله ستتهافت الشّعوب المسيحيّة لقانون الرّهبنة الثّلثيّة،بنشاط كبير وعدد كبير مثلما تهافتت الوفود قديماً في رغبة الكون قرب فرنسيس نفسه״)
● بنوا الخامس عشر: ״نتمنّى أن لا يكون بعد الآن مدينة واحدة، قرية واحدة، ضيعة واحدة حيث لا تُلاقي الرّهبنة الثّلثيّة عدداً مهمّاً من الأعضاء... يكدّون بحماس وكرامة لخلاصهم الخاصّ ولخلاص قريبهم״
● بيوس الثّاني عشر: (لمجموعة أشخاص مؤلّفة من١٦٥٠حاجّ من ميلانو، في ١٥أيلول١٩٢٥): ״نُريد القول هنا لجميع الّذين ليسوا بعد مثلّثّين: كونوا كذلك! إنّه لضرورة، إلاّ بحصر المعنى، على الأقلّ غير مباشرة، لأنّ روح الرّهبنة الثّلثيّة ليست فقط رهبنة القدّيس فرنسيس بل أيضاً روح يسوع المسيح وهذا الروح هو ضرورة لنا جميعاً״.

ولقد صدّق حبرنا الأعظم، البابا بولس السّادس، على قانون حياة الرّهبنة الفرنسيسيّة العلمانيّة في هذه الكلمات في ٢٤حزيران١٩٧٨
:״... نوافق ونُثبّت سلطتنا التّبشيريّة لقانون حياة الرّهبنة الفرنسيسيّة العلمانيّة ونُعطيها دعم الموافقة التّبشيريّة״.
● يوحناّ بولس الثّاني(في ١٩حزيران ١٩٨٦، لممثلّي الرّهبنة الفرنسيسيّة العلمانيّة): ״أحبّوا، ادرسوا، عيشوا قانونكم لأنّ القيم الموجودة هي في غاية الكمال الإنجيلي. عيشوا هذه القيم في الرّهبنة و في العالم، حيث، من خلال دعوتكم العلمانيّة، أنتم ملتزمين ومتجذّرين. عيشوا هذه القيم الإنجيليّة في عائلاتكم، ناقلين الإيمان من خلال الصّلاة، المثال، والتّعليم وعيشوا المتطلّبات الإنجيليّة للمحبّة المتبادلة، الإخلاص واحترام الحياة״.

من يُمكنه الإلتزام؟

بإمكان كلّ رجل أو امرأة، كاهن أو علماني، تقديم طلبه بالالتزام، إذا كان حتّى الآن لا ينتمي لإحدى براعم العائلة الفرنسيسيّة . إنّ الشّروط المطلوبة بغية الإنتساب هي، حتماً دائماً محليّة، يعني ما هو آت :

●ممارسة إيمانه الكاثوليكيّ؛

●العيش في وحدة مع الكنيسة؛

●أن يكون لديه سلوكاً أخلاقيّاً حسنأً؛

●إظهار علامات واضحة للدّعوة.

زد على ذلك شروط خاصّة بالإلتزام: ●بلوغ العمر النّهائيّ من قبل الأنظمة القوميّة؛

●أن يكون قد اشترك بنشاط وعلى الأقلّ لمدّة سنة للتّكوين الأوّليّ؛ ●أن يكون قد حصل على موافقة مجلس الرّهبنة المحليّة.

ولكن ما هو الإلتزام؟

تعهّد، تكفّل، إلتزم، هي كلمات نستعملها في مجالات عدّة لدرجة أنّه يبدو من الضّروريّ تحديد على ما هو المقصود فيما يخصّ الإلتزام في الرّهبنة الفرنسيسيّة العلمانيّة. عندما نستعمل كلمة إلتزام في العلاقات الّتي تُدير حياة المواطنين، يكون ذلك عملاً يربط الطّرفين من خلال وعد. مثلاً، في علاقة تجاريّة، يلتزم الواحد لبيع شيء ما للآخر (إذاً يطرح الشّيء مرّة ثانية للبحث)؛ أمّا بالنّسبة للآخر، يتعهّد هذا الأخير لشراء هذا الشّيء( وطبعاً دفع المبلغ للحصول عليه). عندما تتمّ هذه المعاملة التّجاريّة، عندها يكفّ كلّ التزام بينهما. في مجال آخر، إنّ الزّواج هو أيضاً التزاماً متبادلاً. يتضمّن الإلتزام الزّوجي على أن يتقبّل كلّ واحد من الزّوجين الآخر، ويُعطي نفسه للآخر، ويتعهّد لمحبّته بإخلاص كلّ أيّام حياته.على عكس المعاملة التّجاريّة، يدوم الإلتزام الزّوجي حتّى يفصل الموت الزّوجين. مع هذا، يسمح لنا هذين المثالين الاثنين، (رغم اختلافهما الكبير)،بالإقتراب لمعنى كلمة الإلتزام فيما يخصّ الّذي أُعلن عنه في نطاق الرّهبنة الفرنسيسيّة العلمانيّة: المقصود بالتزام يجمع ״الطّرفين الاثنين״.

إنّ الإلتزام في الرّهبنة الفرنسيسيّة العلمانيّة هو، قبل كلّ شيء، هبة من الله. هو هبة يُعطيها الله للأخ الجديد أو للأخت الجديدة ودعوته للعيش روح التّطويبيّات بين العالم *  طقس الالتزام، توصية طقس الافتتاحية. . بقراءتنا بتيقّظ نصّ التّطويبات، نُلاحظ أنّ التّطويبات تُشكّل بطريقة محجوبة سيرة حياة يسوع الدّاخليّة ، رسماً لشخصيّته. هو الّذي ليس لديه موضعاً يسند إليه رأسه (متى٨ ٢٠) هو الفقير الحقيقيّ ؛ هو الّذي بإمكانه القول بنفسه :״ احملوا نيري عليكم وتعلّموا منّي أنّي وديع ومتواضع القلب״ (متى١١ ٢٩) ، هو حقّاً وديع ؛ هو القلب الطّاهر الحقيقيّ الّذي من خلاله يتأمّل يسوع دوماً. هو صانع السّلام، هو الّذي يتألّم محبّة لله. تكشف التّطويبات سرّ المسيح نفسه، تدعونا للدّخول في الإتّحاد مع المسيح. بسبب طبعها المسيحيّ،...تُشكّل التّطويبات لكلّ مؤمن تعليمات لإتّباع المسيح، حتّى لو كانت بطريقة مختلفة، تبعاً لتنوّع الدّعوات * Joseph RATZINGER BENOIT XVI , p. 95-96 .

لقد ذكرنا سابقاً أنّ الإلتزام يجمع قسمين. القسم الرّئيسيّ للالتزام الفرنسيسي هو إذاً الله الثّالوث، الله الّذي يُعطي نفسه لي. وردّاً لهذه التّضحية الّتي يهبها الله لي، يكون جوابي لهده الدّعوة الملحّة والحارّة من المسيح، الإلتزام في الرّهبنة الفرنسيسيّة العلمانيّة: أنتَ، اتبعني. وأكثر تحديداً، إنّه الرّوح القدس، الّذي بدأ عمله في نفسي، يُثبّت هذا من خلال إعلان التزامي. يتسجّل ذلك في دعوة محدّدة : إتباع المسيح الفقير والمصلوب في نطاق هويّة محدّدة : حسب مثال القدّيس فرنسيس الأسّيزي. لتكن نعمة الرّوح القدس، صلاة الطّوباويّة مريم العذراء والقدّيس فرنسيس، كما الوحدة مع الإخوة، لتكن دائماً في عوني، للوصول لكمال الإحسان المسيحي *   طقس الإلتزام، نهاية صيغة الإلتزام. .

لختم هذا المقطع، لننقل الآن التّعرفة المعطاة من قبل قوانيننا العامّة، عمّا هو الإلتزام. تُلخّص هذه الأخيرة وبروعة كلّ ما قد ذُكر:״ إنّ الإلتزام من خلال وعد الحياة الإنجيليّة هو عمل كنسي احتفالي يُجدّد المرشّح من خلاله عن وعود العماد ويُثبّت علناً التزامه لعيش الإنجيل في العالم، حسب مثال فرنسيس، وتبعاً لقانون الرّهبنة الفرنسيسيّة العلمانيّة״.

على ماذا نلتزم؟

لنُجب على هذا السّؤال بإجراء قراءة معلّقة لصيغة الإلتزام الطّقسيّة. يبدأ المرشّح أوّلاً بالتّذكير بالهبة الّتي تلقّاها من الله من خلال العمادة وبالهبة الّتي سيحصل عليها بالتزامه: أنا، المدعو.... لقد أنعم عليّ الله بنعمة... . لا يُمكننا إيجاد افتتاحيّة أكثر فرحاً لصيغة الإلتزام : صيغة تبدأ بشكر الله للنّعم الّتي منحها. على الهامش، بإمكاننا الإشارة أنّ مباشرة بعد قرار التزام المرشّح، يفتتح كاهن الرّهبنة، الّذي يقبل المرشّح، صيغة القبول من خلال كلمات مماثلة :״ لنشكر الله״. ثمّ يُعلن المرشّح الإثباتين الاثنتين الكبيرتين الّلتين تُلخصّان كلّ شيء: أجدّد تعهّدات معموديّتي : لنُذكّر ״أنّ المعموديّة المقدّسة هي ركيزة الحياة المسيحيّ كلّها ورتاج الحياة في الرّوح، والباب الّذي يوصل إلى الأسرار الأخرى. فبالمعموديّة تُعتق من الخطيئة ونولد ثانية ميلاد أبناء الله، ونصير أعضاء للمسيح، ونندمج في الكنيسة ونُصبح شركاء في رسالتها״(ت م ك ك) . كلّ عام، في ليلة الفصح،تُجدّد الكنيسة أسرار المعموديّة الّتي ترتكز على التّخلّي عن الشّيطان وأعماله، وإعلان إيمان الكنيسة. وأيضاً، من خلال طقس الإلتزام، ومُجدّداً وعود المعموديّة، يتخلّى المرشّح بقوّة للشّيطان، يُثبّت موت الخطيئة، ويُحقّق من ماء المعموديّة، ويُجدّد هذا الدّخول في حياة الثّالوث الأقدس من خلال الظّهور لسرّ المسيح الفصحي.

وأكرس لخدمة مملكتي. إنّ التّكريس هو انفصال الفكر والعمل من الممارسة الدّنيويّة ونقلها في المجال الإلهي. من الواضح أنّ هذا التّكريس سيُعبّر أوّلاً في علاقة دينيّة. علينا التّفكير خاصّة بالمشاركة بالقدّاس ولصلاة الكنيسة في إحدى الأشكال الّتي تقترحها. ولكن انتبه! يتضمّن التّكريس، فضلاً عن ذلك، البحث دوماً عن هدف الله(رو١٢ ١-٢)، تحت قيادة الرّوح القدس(رو٨ ١٣-١٤)وفي جميع أعمال الحياة اليوميّة.

بما أنّ الموضوع هو عن ملكوت الله، فأين إذاً نجده ؟ ألم يقل لنا يسوع أنّ ملكوت الله قد اقترب (متى٤ ١٧) ؟ إذاً في أيّ مكان يوجد ؟ بالحقيقة، لا تستطيع أيّ خريطة تحديده. وكذلك الأمر، ليس المقصود بملكوت آت أو تأسيسهن بل سيادة الله على هذا العالم، الّذي، بطريقة جديدة، يُصبح حقيقة في التّاريخ. وبوضوح أكثر، بإمكاننا القول : بحديثنا عن ملكوت الله، يُعلن يسوع ببساطة الله، أيّ الله الحيّ، الّذي بإمكانه العمل واقعيّاً في العالم وفي التّاريخ، والّذي يعمل الآن تحديداً. يقول لنا : الله موجود. وأيضاً ؛ الله هو حقّاً الله، أيّ أنّه يمسك زمام العالم بين يديه * Ibid Joseph RATZINGER BENOIT XVI, p. 76. إنّ قسماً من هذه الأسطر التّالية مستخرجة من الكتاب نفسه ص.79 . في النّهاية، إنّ المرشّح، بتكريسه لخدمة ملكوت الله، يتكرّس لله.

يتكرّس المرشّح لخدمة الله. أجل، إنّ سيادة الله بحاجة لخدّام. في رسالة يسوع المتعلّقة بالملكوت نجد تأكيدات مدوّنة تُعبّر عن فقر هذا الملكوت في العالم : هو كحبّة خردل، أصغر الحبوب كلّها. هو كالخميرة، كميّة تافهة مقارنة لحجم العجينة، ولكن عنصراً مصمّماً لمصيره. إنّ ملكوت الله مقارن دوماً بالبذور المنتشرة في حقل ذا العالم والّتي تعرف مصائر عدّة : مأكولة من العصافير، مخنوقة تحت العلّيق أو على العكس تصل إلى النّضوج لتُعطي ثماراً كثيرةً. وهكذا يُكرّس المرشّح لكي يُصبح حبّة الخردل هذه، الخميرة في العجينة، وقبول المخاطرة لرؤية العدوّ الّذي يزرع الزّوان قربه الّذي ينمو في نفس الوقت مع زرعه ون ينفصل أخيراً إلاّ في النّهاية(متى١٣ ٢٤-٣٠).

بعد هذين التأكيدين الاثنين، يأتي وعد الحياة الإنجيليّة نفسه، كنتيجة للّذي قد سبق، وأيضاً كتحديد ״للتّلوين״ الّذي يُعطيه المرشّح لإلتزامه :

لهذا السّبب أعد بالعيش، في حالتي العلمانيّة (أو في حالتي ككاهن أبرشي)، كلّ أيّام حياتي، إنجيل يسوع المسيح في الرّهبنة الفرنسيسيّة العلمانيّة بإتباعي القانون.

مع ذلك، تُوجّه صيغة الإلتزام هذه، الملخّصة جدّاً في النّهاية، كلّ ما قد يعيشه المرشّح، وذلك طيلة حياته. إنّه حقّاً لمشروع حياة كامل يتألّف، في بضع كلمات بسيطة جدّاً، ممّا يُثير حتماً أسئلة مطروحة من الكاهن للمرشّح مباشرة قبل الإلتزام :

● رادة إلهاب شكل الحياة الإنجيليّة الملهمة من أمثال القدّيس فرنسيس الأسّيزي وأقواله ومقترحة في قانون الرّهبنة الفرنسيسيّة العلمانيّة؛

● إرادة الشّهادة لملكوت الله وبناء مع البشر ذي الإرادة الطّيبة عالماً أكثر إنجيليّا ؛

● إرادة البقاء مخلصاً لهذه الدّعوة وتنمية روح الخدمة الخاصّة بالفرنسيين العلمانيين ؛

● إرادة الإتّصال بصرامة مع الكنيسة والعمل لإعادة بنائها الدّائمة ولمَهمّتها بين البشر( كون الخميرة في العجينة) ؛

● إرادة العمل مع جميع الإخوة والأخوات وجعل من الرّهبنة فريقاً كنسيّاً مميّزاً وجمعيّة فرنسيسيّة حيّة، علامة واضحة للكنيسة وجمعيّة إيمان ومحبّة.

لكم من الوقت ؟

من النّادر أنّ يعظنا فرنسيس، في كتاباته، عن الإيمان المطلق تجاه الله : وبحسب الإنجيل، إذ ما من أحد يضع يده على المحراث، ثمّ يلتفت إلى الوراء، يصلح لملكوت الله(١ق ٢ ١٠، حسب لو٩ ٦٢).
أو أيضاً : ثابروا في التّأديب، والطّاعة المقدّسة، واعملوا بقصد صالح وثابت، بما وعدتموه به(ر ر٣ ١٠). هذا يُعطينا سابقاً وقليلاً عن حرارة الكم من الوقت ؟

يُحدّد لنا البند٢٣ من قانوننا أنّ״ الإلتزام، بطبيعته، هو نهائيّ * يُمكن أن يُصان التزاماً مؤقتاً لمدّة سنة قابلة للتّجديد، دون الوصول مع ذلك إلى أكثر من ثلاث سنوات بما أنّ المقصود تحضير لمشروع نهائيّ.يتعلّق هذا الخيار المقترح بأسباب تربويّة، وله صلة مع التّكوين ودخول تدريجي لأعضاء في الرّهبنة العلمانيّة (تمهيدات من طقس الرّهبنة الفرنسيسيّة العلمانيّة§ ١٨و١٩). ״. وقد رأينا ذلك سابقاً، من خلال الطّقس الإحتفالي الّذي يُحدّده لنا بوضوح :״... كلّ أيّام حياتي... ״. ليس الجواب لسؤال كم من الوقت؟ إلاّ : الوقت الّذي أريد أو أتمنّاه، بل لمدى الحياة.

إذاً ما هو الطّابع النّهائي الّذي يُبرّر الإلتزام ؟ يُعطي البند٢٣ من قانوننا بداية جواب : بطبيعته. إذاً، لنطرح هذا السّؤال : ما هي طبيعة هذا الإلتزام ؟

إنّ طبيعة شخص ما أو شيء ما هي مجموعة أطباعه، صفات تُعرّف الكائن أو الشّيء. ولكن إنّ الطّبيعة الإلتزام بحدّ ذاتها معلنة في صيغة المرشّح في سياق الإحتفال. إنّ الإلتزام هو هبة من الله، كما هو أيضاً هبة نعمة المعموديّة، الممنوحة مرّة واحدةً، وبطريقة نهائيّة. الحقيقة أنّ كون المرشّح يَضمّ تكريسه لمعموديّته يعني ذلك أنّه يُسجّل تكريسه لخدمة الملكوت من خلال وعد الحياة الإنجيليّة في الرّهبنة الفرنسيسيّة العلمانيّة بطريقة نهائيّة كما هبة المعموديّة الممنوحة من الله. إنّ هبة الله مسجّلة تحت علامة الإيمان المطلق( النّهائي). وهكذا يكون الإلتزام مختوماً( مكرّساً) في هذه الهبة وهذا الإيمان. وبكلّ جسارة، يُمكننا إعادة تسبيحة شكر الله الأخيرة من صلاة الإفخارستيّا وتغيير موضعها لطبيعة الإلتزام الفرنسيسي نفسها :

إنّ الإلتزام هو منه، معه وفيه،... لكَ أنتَ يا ربّ الكلّيّ القدرة، في وحدة الرّوح القدس، كلّ شرف وكلّ مجد، لدهر الدّاهرين. آمين.

لماذا الإلتزام ؟

بالنّسبة للمؤمن، لن يَطرح على نفسه هذا السّؤال. ولكن بإمكان العائلة أو الأقارب، الّذين لا يعرفون بالضّرورة ما هي العائلة الفرنسيسيّة بالتّحديد، طرح هذا السّؤال : لماذا تلتزمُ ؟ وبإمكاننا الإضافة أنّه أحياناً وبمجرّد أن يكون هناك مضموناً إجتماعيّاً جاحداً، يُطوّر بالتّالي إلى نظرة عالم ذي اكتفاء ذاتي : لا حاجة لله للعيش. فيُشكّل هذا أحياناً اعتراضاً للمرشّح : لماذا تلتزم، أو لماذا التزمتَ ؟ بمعنى آخر، لماذا تُعلن عن التزامكَ علناً ؟ ألا يكفي فقط عيش إيمانكَ، في روح القدّيس فرنسيس؟ في نقس الجدول، هناك اعتراض مماثل يُمكن طرحه لمخطوبين : لماذا الزّواج؟ ألا يكفي أن نتحابب؟

السّبب الأوّل، الّذي يكفي لنفسه، هو عبادة الله، أيّ خلق علاقة واضحة بين الله وبيني. تعود مبادرة هذه العلاقة لله الحيّ الّذي ظهر ويدعوني : أنتَ اتبعني. كجواب، أعبد اتباع الله في هذا الإلتزام : أتكرّس لخدمة ملكوته. أجعل من حياتي عبادة لله. ويأخذ هذا الإلتزام فوراً، الّذي أعلنه بصيغة المفرد أنا، شكلاً جماعيّاً : أعد بالعيش... في الرّهبنة الفرنسيسيّة العلمانيّة. إنّه جواب لدعوة الله: تعالوا، اتبعوني. إذاً لن أتبعه وحدي، بل سأتبعه في وسط عائلة روحيّة، هي أيضاً تتمنّى سماع إرادتي بالدّخول إلى تلك العائلة علناً. لا تُعبّر هذه العبادة الجماعيّة الّتي تتضمّن على خدمة الله فقط الحاجة الّتي أنالها من خالقي والّتي تتعلّق بي، بل أيضاً بضرورة إنجاز واجب: خدمة الله، ومن هنا، كون شاهده على الأرض في وسط عائلة خاصّة : العائلة الفرنسيسيّة.

سبب ثان، لا يُمكنه بأيّ حال استثناء الأوّل، هو في نفس الوقت سبباً ونتيجة : يُساهم الإلتزام لبناء الصّلة الإجتماعيّة. في مجتمع لا يلتزم المواطنون من خلاله يُصبح مجتمعاً لا يستحقّ بعد اسمه. عندها، ״يعيش״ البشر كأشياء، قرب بعضهم البعض، أو بالأحرى العض دون الآخرين. ولكن، بغرابة، إذا ״مات ״المجتمع، يتضّرر الأشخاص الّذين يُشكّلونه. إذا لا يلتزم الأشخاص بتّاً في المهن الّتي هدفها الأوّل خدمة الآخرين( الأطبّاء، ممرّضون، الأبحاث الطّبيـّة، الإطفائيّون...) عندها يهلك المجتمع ويتعذّب الأشخاص في النّهاية. قد يحلّ الطّاعون ولن يكون هناك طبيباً لإستئصاله. قد تهبّ حرائق ولن يكون هناك إطفائّيين لإخمادها...

أخيراً، سبب ثالث، هو المساعدة الّتي يجلبه الإلتزام في إرادة المرشّح لإتباع المسيح. بالفعل، يُساهم إعلان المرشّح التزامه علناً بمساعدته لتحمّل مسؤوليّته في الإخلاص * في سجل آخر وكمستند فكاهي، لم يتردّد فرنسيس بالصّياح علناً عن الأخطاء الّتي اقترفها (أو ظنّ بأنّه قد اقترفها) لمساعدته على طرد كلّ رغبة أرضيّة لصالحه. وهكذا، ذات يوم، تناول لحم دجاج أثناء مرضه. وهذا شيء نادر جدّاً حسب ما نقله لنا توماس من شيلانو(١ ش ٥٣) بما أنّه قد استعاد قوّته. ولكنّ فرنسيس، خجل من نفسه، ذهب إلى أسّيزي يُرافقه أحد الإخوة وقد أمره بأن يربط حبلاً حول عنقه، وجرّه في شوارع أسّيزي صارخاً : تعالوا وانظروا إلى الشّره، الّذي دون أن تشكّوا به يتغذّى بلحم دجاج . . إنّه لنعمة يتلقّاها. تُساهم دائماً رؤية الإلتزام بمساعدة الّذين يُعلنون إيمانهم في التزامهم.

كيف نلتزم ؟

لقد سمح لكَ هذا التّقدّم التّدريجي خلال بضعة هذه الأشهر بالتّعمّق للدّعوة التّي سمعتها والإدراك إذا حقّاً تريد الإلتزام لعيش الإنجيل مقتبساً خطوات القدّيس فرنسيس الأسّيزي. بالفعل، إذا راقب مريد الرّهبنة وإذا حاول المبتدئ، عندها، يلتزم المعلّم.

بكلّ واقعيّة، عليكَ تقديم طلبتكَ لمجلس الأخويّة المحليّة. من الأفضل تقديمها خطّيّاً. سَيَبُتّ هذا المجلس طلبتكَ وسيُجيبكَ بالأحرى خطّيّاً.

ثمّ نصل إلى احتفال الإلتزام. على الإلتزام أن يُحتفلَ بوجود الرّهبنة، كونه عملاً علنيّاً وكنسيّاً. من المناسب أن يكون ضمن احتفال قرباني أو على الأقل احتفال مطابق لكلمة الله *  تمهيدات لطقس الرّهبنة الفرنسيسيّة العلمانيّة،§ ١٣. . من خلال الصّلاة العلنيّة، تطلب الكنيسة للملتزم مساعدة نعمة الله ؛ تنقل إليه نعمتها، وتضمّ للتّضحية القربانيّة المشروع الّذي يلتزم به * تمهيدات من طقس الرّهبنة الفرنسيسيّة العلمانيّة،§ ٩. .

في بداية الإحتفال، يشكر الكاهن الله لهبة هذه الدّعوة الّتي سمعتها، كما هبة الرّهبنة لإرسالها أخاً جديداً أو أختاً جديدة.

بعد قراءة الإنجيل، تُمحور طلبتكَ العلنيّة بالإلتزام. يُجيب لكاهن لطلبتكَ بالتّضرّع للروح القدس بتثبيت فيكَ العمل الّذي بدأته.

بعد العظة، تأتي الأسئلة المطروحة من قبل الكاهن الّتي اكتشفنا مضمونها في المقطع المعنون ״ما هو الإلتزام ؟״.

أخيراً، يأتي الإلتزام الّذي ستؤدّيه تبعاً للصّياغة الّتي اكتشفنا مضمونها في المقطع المعنون ״ما هو الإلتزام ؟״.

بعد شكر الله، يَقبلُك الكاهن في الرّهبنة الفرنسيسيّة العلمانيّة.

ثمّ، باسم الكنيسة، يتلو الكاهن هذه الصّلاة : ״أثبّت مشروعكَ باسم الكنيسة. إنّ الله السّاروفيم نفسه يحضّك في وصيّته : إذا راقبتم هذه الأشياء، كونوا مغمورين في السّماء من نعمة ألآب العليّ، وكونوا مغمورين على الأرض بنعمة ابنه الحبيب مع الرّوح القدس البارقليط وجميع فضائل السّماوات وجميع القديسين. آمين. ״

صلاة

لندع الآن القدّيس فرنسيس الأسّيزي يختم مدّة التّكوين هذا من خلال بضع هذه الأسطر المستخرجة من رسالته لجميع الرّهبنة. إنّها صلاة نهائيّة، ״واحدة من جواهر الأدب الرّوحي، ملّخص مدهش للحياة المسيحيّة : خلق الإنسان، دعوة الله، تأمّل المسيح *  Editions franciscaines 1968, Saint François d’Assise – Documents, rassembles et présentés par les PP. Théophile DESBONNETS et Damien VORREUX O.F.M. , p 121. ״.

أيّها الإله الكلّيّ القدرة، الأزلي، العادل، الرّحيم،

أعطنا، نحن البائيسين،

أن نعمل من أجلكَ،

ما نعرف أنّكَ تُريده،

وأن نُريد، دائماً، ما يُرضيكَ ؛

لكي نستطيع، بعد أن نكون قد تطهّرنا داخليّاً،

واستنرنا داخليّاً،

واضطرمنا بنار الروح القدس،

أن نقتفي آثار ابنكَ الحبيب،

ربّنا يسوع المسيح ؛

ولكي نصل إليكَ، أيّها العلّيّ

بنعمتكَ وحدها،

أنتَ يا من في الثّالوث الكامل، وبالوحدة البسيطة،

تحيا، وتملك، وتُمجّد،

إلهاً كلّيّ القدرة،

إلى دهر الدّهور،

آمين.

أسئلة

 ١) لماذا تجسّد الكلمة ؟

٢) في رسالته لجميع المؤمنين، يطوّر القدّيس فرنسيس أربع وجهات من سرّ المخلّص، وأيضاً ست متطلّبات للحياة المسيحيّة. هل باستطاعتي تعداد غيباً هذه الوجهات وهذه المتطلّبات ؟

٣) في تعليقه عن وصيّة سيّينا، يؤكّد يوحنا بولس الثّاني أنّ فقط الرّوح القدس بإمكانه صيانة الوحدة. يُضيف أنّ هناك اسمنت أساسيّ لهذه الوحدة. ما هو هذا الإسمنت؟

للتّعميق

١) إصنعوا هذا لذكري (لو٢٢ ١٩). هذه جملة يسوع المسيح، الملفوظة زمن تنشئة الإفخارستيّا ومعادة في كلّ قدّاس وقت التّكريس،هل يجب أن تُطبّق إلاّ في الإفخارستيّا ؟ للمساعدة في إجابتي، بإمكاني الإستعانة بال§ المعنون روائع الحياة المسيحيّة من الرّسالة لجميع المؤمنين.

٢) لقد أصدرت الرّهبنة الفرنسيسيّة العلمانيّة كتاباً يتضمّن القانون، الدّساتير العامّة وطقس الأخويّة الفرنسيسيّة العلمانيّة. إذا كان هذا ممكناً، أدعوكَ للحصول عليه، لقراءته حتماً، متوقّفاً خصوصاً حول طقس الرّهبنة الفرنسيسيّة العلمانيّة. ستجد طقس احتفال الإلتزام بكامله. وللأسئلة التّعمّق، أدعوكَ للتّوقف على كلّ كلمة من طقس الإلتزام حتّى تتشبّع من طبيعة وعد الحياة الإنجيليّة الّتي ستُعلنها.

٣) نعلم جداً أن التزاماً غير مصان، غير مجدّد وغير معتن يتبدّل حتّى النّسيان * Flammarion 2004, Epoux, heureux époux- Essai sur le lien conjugal, Tony Anatrella C.J. , P.138. . إذا يتحقّق التّأكيد بالنّسبة للإلتزام الزّوجي، فلا ينجو الإلتزام الفرنسيسي من هذا أيضاً. ما هي التّرتيبات الّتي تنوي اعتمادها منذ الآن للمحافظة، تجديد واغتناء وعدكَ لحياة إنجيليّة في المستقبل ؟

أعلى الصفحة

منفذاً من www.pbdi.fr رسم من Laurent Bidot ترجمة : Myrna Lebertre